هل مرضي أو أعراضي سببها نفسي؟
الحمد الله حق بجميع محامده، والثناء عليه واجب بما هو أهله، والصلاة والسلام على رسوله المصطفى وءاله
أضع السؤال الذي أثارته مريضة هنا مستقلا، حيث رأيت كثيرين من المهتمين والأطباء كذلك
بحاجة للنصح بشأنه، وما أنا بأهل، لكن من باب المسئولية..
لا مانع من وجود الجذر النفسي لأي مرض ووضع الاحتمال
لكن يجب الحذر من المبالغة في تحميل كل شيء للجانب النفسي
فقد يكون مؤثرا في زيادة العرض وليس متسببا فيه
وقد يكون نتيجة للعرض نشأ توتر نفسي، وليس العكس
وقد يكون العامل النفسي هو السبب بلا شك
فالصواب -قبل القرار- أن نحترم شكوى المريض للنهاية، قبل قول: السبب نفسي، فقد رأينا حالات سببها عضوي، وتأخذ علاجا نفسيا، بسبب عدم النظرة العميقة والشاملة والمحدثة علميا، ولا قبول التحويل للتخصصات الدقيقة لتكمل متابعة الحالة، وتقرر مؤيدة قرار الطبيب الأول، فالأسلم دفع تكلفة فحوصات واستشارات بدلا من دفع تبعات الألم أو المضاعفات، أو تفاقم أمر، أو تحمل تبعات العلاج النفسي.. على الفرد والأسرة..
هذا بشكل عام، وليس خاصا بمشكلتكم، لأن كثيرا من المتحيرين يسألون عن هذا الاحتمال في كل حالة
تتعب من الكشف والمشورة، وعدم وجود حل عاجل وحاسم من أول مرة..
ولا ينفي هذا وجود العامل النفسي في أحيان، والطبيب الأريب متوازن لبيب، وكم سمعت استشاريا للأنف والأذن وهو يمازحني ويقول: المريض الفلاني لا يريد أن يستوعب أن سبب الصداع مشكلات حياته، ولن يرتاح حتى يجري أشعة مقطعية على الجيوب الأنفية..
الصداع بسبب زوجته! وهي تشكل هما في حياته وباطن فكره وخيالاته، وتوتر أعصابه، وتنكد عليه معيشته.. " أو بسبب الزوج لكي لا يعتب أحد"
وعلى العكس.. فلو كان الألم حقيقيا" بسبب لم يتحر عنه الطبيب، أو لم يحل المريض لغيره لتقصيه، أو أمر مبكر لم يظهر في الفحوصات" وصفعه الطبيب بهذه الكلمة، أنت موهوم، أنت متعب بسبب نفسيتك، فسيتعب أكثر نفسيا، وسيزداد الألم..
وكم رأينا مريضا بحالات نادرة للفقرات -مثلا- وقد قالوا له: ليس فيك شيء، هذه تخيلات،
تهيؤات، وهم، وسواس، أو نتيجة التعب النفسي والضغوط والأحزان، وبالطبع لن يتعب الطبيب في استخراج ضغوط وأحزان ليقوي بها رأيه..
مرضك هذا نفسي!
ليس له تشخيص علمي
التحاليل سليمة..
ومن ثم تناول العلاجات النفسية التي أنهكته، ولم يتحسن الألم، لكنه صار ينام وقتا أطول، وتحطم نفسيا من هذه الدوامة.
فاحتمال المبالغة في كلا الطرفين سيء
كل هذا بفرض أن الطبيب عالم فاهم أمين، فلن يوجه سوى لقناعة ضميره وغاية جهده، ولن يجهل تقصي الأسباب النادرة والمبكرة إن كان لها احتمال...
وبفرض أن المريض واثق متجاوب، ولا يميل بالطبيب مشككا في أمانته، لكي لا يجعله يجري فحوصات مكلفة ماديا..
وعلى الجانب الأخرة مرة ثانية، فعلى الطبيب أن يضع في اعتباره الهموم التي تنعكس لتحدث شكاوى طبية تملأ العيادات،
وهي الأعراض النفس جسمانية.. ولكن أغلب المشكلات مشكلات حياتية، أسرية أو مهنية أو محيطية، وليست خللا محضا في كيمياء المخ، بمعنى أنها تحتاج علاجا معرفيا وتوعية، وعلاجا سلوكيا تدريبيا على تصرفات وأمور، وتحتاج صلة روحية متينة قويمة، وترتيبا لبرنامج العمر، ولبرنامج ونظام الوقت والمعاش، والعمل اليومي والاهتمامات، بل والنوم.. وتغييرا في الفهم والفكر والبيئة بنصائح واعية عاقلة تنموية، أو تطويرا للتعامل مع هذه البيئة، إن لم يمكن تغييرها أو تعديلها، أو تكيفا مع هذه البيئة والمنغصات.. شاملا النظام الغذائي والسوائل..
كل هذا قبل أن تحتاج للحبوب .. وبالجملة فحين تحل المشكلات أو تصح النفسيات بالعلاج تختفي كثير من الأعراض من المستشفيات.. وتقوى ملكة التحمل والتجاوز للأوجاع، بل والمناعة كذلك.. فحتى المرض العضوى المحض نقول فيه: عساه يتحسن بالسلامة النفسية والعقلية..